مشروع ضحايا حرب العراق لا ينشر عادة مقالات تكرر قضايا تم طرحها قبل خمسة اعوام، لكنه يعيد نشر المواد ادناه للتذكير انه التأخير في نشر النتائج ليس القصور الوحيد الذي من الواضح ان لجنة تشيلكوت تعانيه.

FOR IMMEDIATE RELEASE FROM IRAQ BODY COUNT - 26 AUGUST 2015

لجنة تشيلكوت للتحقيق في قضية العراق: يبقى العراق مقبرة كبيرة لا يمكن معرفة حجمها

متى ستظهر المملكة المتحدة اهتماما جادا في ضحايا العنف في العراق؟

قبل ستة اعوام تحديدا، كتبت "ضحايا حرب العراق" الى السير جون تشيلكوت معبرين عن ذرعهم كيف ان لجنة تحقيق العراق لم تظهر لم تظهر اي اشارة على مضيها قدما في تحقيق تفصيلي عن ضحايا الحرب. اذا كان هناك درسا ممكن تعلمه من التحقيق في مدى تورط المملكة المتحدة في الحرب، فأن ضحايا هذه الحرب (من المدنيين و المحاربين العراقيين، الضحايا البريطانيين، و ضحايا قوات الائتلاف و غيرهم) يجب ان يتم اخذهم بنظر الاعتبار دون تردد. بعد شكره على اهتمامه "الصحيح" بالاستماع و احترام رغبات العوائل البريطانية الثكلى، اكدنا انه مثل هذا الاجراء لا بد وان يشمل و بقوة العراق حيث كانت للحرب تأثيرات اكثر قوة و بالنسبة لعديدين كانت الحرب على عتبة ابوابهم (و مازالت كذلك و نحن في عام 2015). على الرغم من كل هذه التناقضات اضفنا في رسالتنا:

"و مع كل الاختلاف الملحوظ بين تأثيرات الحرب على هذه البلاد وعلى العراق، فأن هناك وجهة نظر اشمل واوسع تقول ان ناقوس الموت لهذه الحرب يدق على الانسانية بأجمعها. انطلاقا من هذا المنظور، هناك جرس ناقوس موت واحد للحرب يدق في العراق: الناقوس الذي يدق على جميع الجنسيات و من جميع الفئات. و فقط من خلال الانتباه الى هذا الناقوس يمكننا جميعا ان نفهم تأثيرات الحرب، و يمكن ان نضع انفسنا في المكان الذي يمكن ان نتعلم منه احسن الدروس".

استجاب السير جون لرسالتنا من خلال التأكيد على ان مصادر المرجعية للجنته كثيرة و اقر الاسهامات "المفيدة" لضحايا حرب العراق في المصادر التي يمكن للجنته ان تعتمد عليها. و لكن يظهر ان هذا الاقرار هو مجرد طريقة اخرى للقول بأن لجنة التحقيقات التي يترأسها لن تقوم بعمل اخر حول قضية ضحايا العنف في العراق.

قبل خمسة اعوام و تحديدا بعد سنة من اول رسالة الى السير جون، قمنا بنشر الرسالة علنا و اضفنا اليها التعليقات التي سنعيد نشرها ادناه. و لا نزال مستمرين بانتقاداتنا ضد المدى الضيق لعمل اللجنة. و بالطبع كنا مخطئين في وصف عملهم على انه اوشك على الانتهاء. فالتأخير في نشر نتائج لجنة التحقيقات اصبح فضيحة عامة. لكن ما تبقى دون دراسة هو انه بالرغم من الحرية التي كان يجب ان تحصل عليها، الا ان لجنة تحقيقات تشيلكوت اتبعت "تاريخ الملوك" في عدم اظهار الاهتمام بعامة الشعب الذين هم اكثر من تضرر في الحرب. هل مثل هذا النطاق الضيق ممكن في القرن الواحد و العشرين؟

لو كانت اللجنة التحقيقية قد بذلت جهدا حقيقيا في فهم الخسائر الانسانية الناتجة عن الحرب ومن بينها معاناة الشعب العراقي، فأن تأخرها غير المبرر في نشر نتائجها لربما كان مفهوما. هذا يحتاج لجهد كبير حتى لو انها لم تحاول السعي وراء الهدف بالمستوى الفعلي للخسائر الفردية 1a ( ضحايا حرب العراق الان تبدأ مبادرة جديدة و هي عراق: الذاكرة الالكترونية ). لكن ليس هناك اي اشارة بأن لجنة التحقيقات قامت بأي محاولة من اي نوع في هذا الاتجاه، سواء باتجاه من قتل او اصيب. لذلك، و بالرغم من الاسم "لجنة تحقيقات حرب العراق" من غير المحتمل ان تكشف عن اي شيء جديد حول الخسائر التي تكبها البلاد الذي حصلت فيه هذا الحرب—ولا زالت تحصل—بغض النظر متى سيتم نشر هذا التقرير.

ما زلنا على امل ان المملكة المتحدة و الاخرين سوف يتعلمون الدرس—درسا حقيقيا، يمكن الاستفادة منه فعلا—من لجنة تحقيقات تشيلكوت. لكن بالاستناد على الانتباه المتضائل الذي اولته لجنة التحقيقات للضحايا، فأننا لا يمكن ان نتوقع ان نجد من بين نتائجها عدد كبير للضحايا، او حتى ما يراه عوائل الضحايا العراقيين، او احتياجاتهم، او كيف بالإمكان تخفيف معاناتهم.

جهة الاتصال :

1a "يتضمن توثيق الضحايا في ارض المعركة تجميع منتظم و مستمر لمعلومات تفصيلية بخصوص ضحايا العنف؛ لكن بأفضل الاحوال يمكن ان توثق عدد القتلى بالإضافة الى من وكيف قتلوا ، متى و اين قتلوا". هذا الاقتباس مأخوذ من مقالة " Stolen Futures: The hidden toll of child causalities in Syria " (page 3 PDF). Every Causality, November 2013

بعد عام من الاعلان عنها و حيث انها تقترب من اكتمال عملها نتساءل اليوم هل قامت لجنة التحقيق في حرب العراق الموكلة رسميا من المملكة المتحدة بالأخذ بنظر الاعتبار العواقب المميتة للحرب على اولئك الذين وقعت عليهم بشدة—الشعب العراقي.

كما لو ان اسهل جواب ممكن اعطاءه هو: ليسوا ذات اهمية حقيقية.

لجنة تحقيق حرب العراق غير الفعالة

"التحقيق في حرب العراق" مطلوب منه ان يركز في عمله المفروض تحقيقه

26 اغسطس 2010

في 15 يونيو 2009، اعلن رئيس الوزراء غودرن بروان عن البدء بتحقيق رسمي "لتحديد الدروس التي يمكن تعلمها من الحرب في العراق".1 من المفروض ان لجنة التحقيق هذه "تعمل على تثبيت ما حصل بطريقة دقيقة و معتمدة" خلال الفترة من السنتين التي سبقت حرب 2003 الى 30 تموز 2009، لتغطي في تحقيقاتها "الاسباب التي ادت للحرب في العراق، الهجوم العسكري و تبعاته". و خلال تقديم تقريره، اعلن رئيس اللجنة السير جون تشيلكوت ان المصادر التي يعتمدون عليها "كثيرة جدا". مع ذلك كان هناك موضوع واحد تفتقر اليه بيناتهم عن صلاحية و اهداف اللجنة. و بعد ما لفت انتباهنا هذا الامر، كتبنا قبل عام تحديدا لرئيس اللجنة الاتي:

الى السير جون تشيلكوت
رئيس لجنة تحقيق حرب العراق

26 اغسطس 2009

لا بد و ان تشكل ضحايا العراق جزء من التحقيقات في حرب العراق

عزيزي السير جون

نكتب اليك من مشروع "ضحايا حرب العراق"، و هي منظمة غير حكومية مركزها المملكة المتحدة، عملت على تسجيل عدد الضحايا المدنيين في العراق نتيجة العنف الحاصل في العراق منذ التدخل العسكري في 2003.

نطلب ان تقوم لجنتك بالأخذ بنظر الاعتبار الضحايا العراقيين نتيجة الحرب و الانهيار الذي حصل بعدها في نظام الامن المدني و ان تسمح لنا بأن نقدم ادلة للجنة التحقيق لهذا الطلب تحديدا.

و نلاحظ باهتمام كبير بأنه في الاشهر القليلة التي مضت منذ الاعلان عن هذه النتيجة، فأن ان النقاش الرسمي الحاصل حتى هذا التاريخ قد فشل في الاشارة حتى قضية الضحايا العراقيين، سواء من مات او اصيب، هذا بالإضافة الى اهمية هذا الموضوع لأي تقييم موضوعي للحرب التي حصلت. و نأمل بأن هذا سوف لن يعني بأن هذا الموضوع المهم سوف لن يستمر في التراجع الى ان يكون قضية غير مهمة. ان اهتمام الحكومة البريطانية المحدود جدا في تجميع و نشر البيانات حول الضحايا العراقيين لطالما كان مصدر فزع جماهيري، بالإضافة الى حالة غضب الامر الذي ادى بشخصيات معروفة مثل 52 دبلوماسي بريطاني سابق الى كتابة رسالة مفتوحة في نيسان 2004 ينتقدون فيها سياسات الشرق الاوسط التي اتبعها رئيس الوزراء السابق توني بلير و التي وصفوها على انها "فضيحة" لفشل قوات الائتلاف في تتبع و تسجيل الضحايا العراقيين. ان لجنة التحقيق في حرب العراق تشكل فرصة فريدة، حتى لو كانت متاخرة، للتحقيق في ضحايا العراق بشكل شامل و بتفاصيل دقيقة، و ايضا تقييم طبيعة و مدى الضرر الناتج من اهمال حكومتنا المستمر لهذه القضية.

حسب رأينا، المصادر "الكثيرة" للجنة التحقيق توفر لكم فرصة جيدة للتحقيق بشكل شامل و صحيح في قضية ضحايا العراق: فالمصادر الكثيرة تجبركم على فعل ذلك.

في بيانه لمجلس العموم الذي اعلن فيه عن لجنة التحقيق، قدم رئيس الوزراء غودرن براون لجنة التحقيقات السبب و والوسيلة لتنفيذ تحقيق شامل و رسمي اولي عن الضحايا في العراق. و اشار بما لا يقل عن ثمانية مرات الى مبدأ "تعلم الدرس" قائلا بصراحة بأن "الهدف هو تعلم الدروس من الاحداث التي تحيط بالحرب"، وانه كان يعطي لجنة التحقيق مدى "ليس له مثيل" لتضمين جميع الاحداث "في كل فترة الحرب".

و يتضمن هذا المدى "الاحداث التي ادت الى الصراع،...العمل العسكري و تبعاته...الطريقة...التي نفذ بها العمل... لتثبيت ما حصل و تحديد الدروس التي يمكن تعلمها". احد اهم الاسئلة في مواقف النزاع المسلح و في قانون الحروب هي: هل استخدام القوة كانت الاستجابة الملائمة للتهديد الذي ادى اليه. من المستحيل تحديد الحكمة من الاجراء الذي تم اتخاذه—حتى لو كان ذلك متأخرا و بدون محاولة توجيه اللوم—اذا كانت العواقب التي تخص الخسائر الانسانية لم يتم اتخاذها بنظر الاعتبار. البيانات التي توضح اعداد الضحايا هي التي توضح كلفة و خسائر الحرب الفعلية.

من الملائم فعلا، كما صرحتم، بان احد "اهم اولوياتكم هو الاستماع الى عوائل الضحايا الذي لقو حتفهم خلال الحرب و الاخرين الذي تأثروا بهذه الحرب، كمجموعات المحاربين القدامى"، بانكم قد تواصلتم معهم مسبقا و سوف تكونون "مهتمين و تحترمون رغباتهم". على اي حال، السياق الذي جاء به هذا البيان هو انكم تشيرون للعوائل البريطانية فقط و ليس العراقية. مع ذلك فان نفس المنطق الذي ادى الى هذه الالتفاتات الانسانية ينطبق على العراقيين و بقوة اكبر مما ينطبق على البريطانيين. بالرغم من الخسائر الكبيرة التي عاناها عوائل و اصدقاء المقاتلين، موظفي منظمات الاغاثة، و المراسلين البريطانيين الذين قتلوا في العراق، الا ان الحقيقة تبقى انه بالنسبة لمعظمنا كانت مشاركة بريطانيا الحرب لا تعني معاناة او تكبد اي خسارة شخصية. بل على العكس ، العلاقة بين الحرب و الموت في العراق واضحة و متكررة، حيث بقيت الحرب الى الان على اعتاب ابوابهم. اما البريطانيون فهم متأكدون بانه ما من احد من احبائهم سوف يصبح جزء من ضحايا الحرب اليومية، لكن هذا ليس ما يحصل في العراق.

حتى مع الاختلاف الواضح بين اثار الحرب على هذه البلاد و اثارها على العراق، هناك وجهة نظر اكبر عن ناقوس الموت الذي يدق على الإنسانية بأجمعها. ومن هذا المنظور هناك فقط ناقوس موت واحد يدق في العراق: الناقوس الكامل الذي يشمل كل الجنسيات و جميع الفئات. و فقط من خلال الانتباه الى هذا الموت الكبير، سوف يمكننا ان نفهم تبعات الحرب بالكامل و نضع انفسنا في المكان الذي يمكننا ان نتعلم فيه اعمق و اكبر الدروس.

جمع كل الحقائق المتوفرة عن ضحايا العراق كانت النشاط الرئيسي لمنظمة "ضحايا حرب العراق" خلال الستة اعوام الماضية. و بغياب مصدر معتمد اخر للمعلومات عن طبيعة و توزيع الضحايا في العراق، فان البيانات التي تقدمها "ضحايا حرب العراق" لطاما اشير اليها في مختلف السياقات من قبل مؤسسات مستقلة من بينها منظمات الاغاثة و منظمة الصحة العالمية مفوضية الامم المتحدة العليا للاجئين، البنك الدولي و صندوق الدعم الدولي، و الجامعات الرئيسية و مؤسسة البي البي سي الاعلامية، صحيفة الايكومنست، و غيرها من المؤسسات الاعلامية في المملكة المتحدة و العالم. اما بخصوص عمل لجنة التحقيقات، فأنه يكفي ان نقول بأن البيانات التي توفرها مؤسسة "ضحايا حرب العراق" كانت قد استخدمت في تقرير "تعلم الدروس" للمفتش العام للجنة اعادة اعمار العراق الذي قدمه للكونغرس الامريكي (دروس قاسية ص 319). نذكر كيف تم استخدم الاخرون ما قدمته "ضحايا حرب العراق" ليس فقط للتأكيد على نوايانا الحسنة و لكن ايضا للتأكيد على ان المنظمات و الوكالات المهتمة في حقائق الصراع من المتوقع منها ان تحقق في عواقب الحرب واثارها على حياة الانسان و التي تعتبر السبب الرئيسي الذي ادى الى الحرب.

الان امام لجنة التحقيق في حرب العراق خيار بسيط. من جهة، تجعل الاموات اعلامها عن الدروس التي تتعلمها بريطانيا من تدخلها العسكري في العراق. و من جهة اخرى، يمكن ان تقرر بأنهم لا علاقة لهم بعملها. اذا ما قررنا بأن الخيار الثاني لا يمكن ان يخطر في بال اي مجتمع متحضر، فأن الضحايا العراقيين لابد من احصائهم قدر الامكان. كيف ستكون استجابتنا لهذا الموضوع، هو امر يحدده المستقبل. لكن يجب ان نبدأ بمواجهة كل الحقائق ذات الصلة، حتى تلك التي تزعجنا، او سوف نخاطر بتكرار اخطائنا بدلا من التعلم منها.

منظمة "ضحايا حرب العراق" مستعدة لمساعدة لجنة التحقيقات باي طريقة ممكنة

المخلصون

هامت داردغان، جون سلوبادا، من "ضحايا حرب العراق"


في تشرين الثاني 2009، كتب لنا تشيلكوت قائلا:

"ان فريق لجنة التحقيقات يعرف مسبقا بعمل منظمة ضحايا حرب العراق و لقد قمنا بدراسة بعض المعلومات التي قدمتها المنظمة. مصادر مرجعية لجنة التحقيقات كبيرة و تتطلب منا التركيز على الدروس التي يمكن تعلمها من تدخل المملكة المتحدة في العراق خلال الفترة 2001-2009. المعلومات التي جمعتموها سوف تكون مهمة مفيدة جدا لمساعدتنا في هذه المهمة".

بالرغم من هذا التصريح، فأن مقدار الانتباه الذي اولته لجنة التحقيقات تجاه الضحايا العراقيين، سواء من قتل او اصيب، محاربين ام مدنيين، يثير للسخرية فعلا. احد الحالات النادرة كانت خلال استجواب توني بلير، حيث قام عضو اللجنة السير لورنس فريدمان بمواجهة رئيس الوزراء السابق بالإحصاءات مشيرا الى اعداد الموتى نتيجة العنف في بداية كل سنة بعد الاحتلال 2

و بالرغم من أثارته، الا ان الموضوع لم يلاقي الاهمية المطلوبة و لا حتى عاملته اللجنة على انه امرا يستحق الاهتمام. و خلال عمل اللجنة، كان الموضوع الذي اهتموا به، و كانوا تقريبا مهووسين به، هو التفاعل بين القادة السياسيين و العسكرين هنا و في الولايات المتحدة، و تداعيات الحرب كما يرونها هم بينما الموضوع الذي يهتم به معظم الناس، هنا و في العراق، لا يحصل الا على ذكر سريع.

مرة واحدة فقط كان هناك حوار يخص احصائية الموتى في العراق كموضوع يستحق الاهتمام كم يجب، عندما تم استجواب ادم انغرام، وزير القوات المسلحة و المتحدث الرسمي عن وزارة الدفاع، من قبل عضو لجنة التحقيقات رودريك لاين.

برر انغرام صمت الحكومة قائلا:

"لا اعتقد اننا قلنا ابدا بأنه ليس هناك عدد كبير من الضحايا. ما لم نفعله هو اننا لم نضع رقما محددا لهؤلاء الضحايا"

و بعد هذا بقليل قال لاين "انت تقول انه لم تكن من واجب وزارة الدفاع فعل ذلك، الم يكن واجب احد ما فعل ذلك؟"

وكان رد انغرام على ذلك

"بالتأكيد. هل كان امرا يمكن لوزارة التطوير الدولي في المملكة المتحدة تمويله؟ و هل هو امرا كان لا بد من ان يهتم به مكتب الشؤون الخارجية و الكمنويلث (وزارة الخارجية البريطانية)؟ و حيث ان الامم المتحدة تدخلت—ما زالت تمارس دورا لكن ليس بوجودها الفعلي على ارض المعركة—فهل هو دور كان على الامم المتحدة ممارسته؟ نعم. بالطبع سيكون الجواب نعم. لكن—تثيبت الحقائق بحد ذاته لا يمكنه ان يغير ما كان يحدث. كان فقط سيؤكد ما يعرفه الجميع لكنه ما كان ليعطي حلا وكان ليصبح الاجراء الذي كنت سأتبعه . لو سألتموني، كوزير للقوات المسلحة، "هل انتم مستعدون لوضع وحدات في كل مستشفى لاحصاء الجثث الداخلة و الخارجة منها؟" و لو كنت لاختار، سيكون جوابي "كلا". 3

و بعدها تحول الحديث الى امور اخرى. هذا كل الانتباه الذي حصلت عليه الضحايا العراقيين في كل عمل لجنة التحقيقات الى الان.

و حيث انه ليس هناك محاولة رسمية من المملكة المتحدة من اجل وضع "رقما دقيقا او مقاربا" للضحايا العراقيين، حتى هذا الحديث مع انغرام لم يسلط الضوء على الامر المهم و الحياة التي تموت ، او مدى التدمير الذي تواجهه الانسانية. بل ذكرت فقط—بشكل عاجل فقط—الافتقار لمثل هذا التوثيق للضحايا من قبل الحكومة.

و من خلال ذكر ترددهم في التحقيق بشكل جاد في الخسائر البشرية للحرب (عندما لا يكون هؤلاء بريطانيين، بيروقراطيين و سياسيين، لكن مجرد مواطنين عراقيين)، فأن لجنة تحقيقات حرب العراق تتخذ موقفها هذا من الحكومة التي عينتها. لكن بينما انغرام يرى بأن توثيق اعداد الضحايا لم يكن من اولويات القوات المسلحة البريطانية ، فأن الشخصيات العسكرية الكبرى تعتقد غير ذلك.

في 20 اب تم نشر بحث كتبه مؤسسي "ضحايا حرب العراق" ضابط كبير في الجيش في مجلة بريتش ارمي رفيو.4 في هذه البحث اكدنا بان توثيق و نشر احصاءات الضحايا سهلا للقوات المسلحة لكن ايضا من مصلحتهم و من مصلحة السياسيين الذي يخدمونهم.

4 نشرت في 2010 . يمكن للقراء الوصول اليها من خلال مجموعة بحث أوكسفورد

و بهذا الخصوص فان الادلة التي قدمها انغرام لتيشلكوت لم تكن متواصلة مع اخر ما يفكر به القادة العسكريون ، لكن حتى تشيلكوت لم يتخذ الجهد اللازم للتحقيق في الموضوع بشكل صحيح.

البيان الختامي لتشيلكوت في 30 يوليو 2010 في جلسات الاستماع العامة للجنة التحقيقات، و الذي اشار الى انه سيتم اجراء جلسات اخرى فقط اذا كان "تضارب او فجوات" ضمن الادلة الموجودة، قال في الوقت نفسه:

"لجنة التحقيقات ايضا تتمنى ان تزور العراق. لترى بنفسها عواقب تدخل المملكة المتحدة في الحرب، و الاستماع الى وجهة نظر العراقيين و فهم ما هو متوقع للعراق اليوم. و من اجل السلامة الامنية لفريق اللجن و أولئك الاشخاص الذين سوف تلتقي بهم، سوف لن نقوم بنشر تفاصيل اخرى قبل حصول الزيارة. اذا كان بإمكاننا زيارة العراق، سوف نقوم بإعطاء ملخص بعدها بالإضافة الى تقارير عن زياراتنا الدولية الاخرى". 5

5 جلسات الاستماع العامة: البيان الختامي للسير تشيلكوت" (30 تموز 2010)

6 من بين اولئك الذين سمح لهم بالتحدث عن خبرتهم في الحرب امام لجنة التحقيق هم من مجتمع اللاجئين العراقيين داخل المملكة المتحدة.

و نحن ايضا نتمنى ان تقوم اللجنة بزيارة العراق، و بشكل امن، و ان تجمع الادلة من العراقيين خاصة من اولئك الذين عانوا من الحرب بشكل كبير. لكن اليس هذا جاء متأخر جدا؟ الادلة التي استمعت اليها لجنة التحقيقات كان لابد ومنذ البداية ان تكون مستندة على سياق الخسائر البشرية للحرب، بحيث يسمحون لهذا السياق ان يوجه عمل اللجنة. الان اصبح هذا المنظور العراقي يأتي اخر الامور التي تتخذ بنظر الاعتبار في الوقت الذي يجب ان يكون اولها. 6

لجان التحقيق السابقة في مجريات الحرب و تبعاتها كانت قد انتقدت لكونها ضيقة المدى. لكن لجنة تشيلكوت قد اعطيت منظورا اكبر يمكن ان يسلط الضوء على الحرب في الداخل و تحديد الامور الاخرى على ضوئه. بالفعل حتى يمكننا الاعتقاد بان الحرب في العراق قد حصلت بريطانيا.

فهناك القليل من الحوادث لما يدعى "الارهاب داخل البلاد" على الارض البريطانية و الذي يمكن ان نربطه بطريقة ما مع الاحداث في العراق. لكن بشكل رئيسي تبعات هذه الحرب كانت في العراق و عاناها المواطنين العراقيين و ليس المواطنين البريطانيين (او حتى الامريكيين).

وحيث ان الموت الجماعي و المفاجئ هو اهم حقائق هذه الحرب، ربما فقط "تحقيق في الحرب العراقية" يمكن ان يعطي التركيز المطلوب على الموضوع و يجعل منه درسا لا يمكن تجنبه للمملكة المتحدة كما كان للعراقيين. الشكل الذي يمكن يتخذه هذا التحقيق هو تحقيق قضائي في كل الخسائر البشرية في العراق، سواء حالات موت او اصابة. و فيما يخص القانون الداخلي و الدولي، فأن المملكة المتحدة تتحمل مسؤولية اذا ما ساعدت اي من حلفاءها في احداث اي خسائر بشرية او خرق للقانون.

اذا لم نستطع ان نشعر بما يعانيه الشعب العراقي، و اذا لم نستطع ان نفهم بتعاطفنا ابسط الحقائق عن ما يكابدوه، فأن هذا يشير الى خطأ في الطريقة التي نفكر فيها في بريطانيا و في الغرب. و هذا درسا يمكن ان نتعلمه من لجنة تحقيقات تيشلكوت الخاطئة الى اليوم.